يولد النص القانوني مرتين ؛ مرة عند وضعة وأخرى عند تطبيقه.
فعمل المشرّع لا يبلغ الكمال مطلقا لأنه من المتعذّر- بحكم طبيعة الأمور
- أن يرد التشريع على قياس جميع الأقضية التي يفرزها الواقع والتطبيق
أو أن يحصل الإجماع حول مدلوله ومقاصده.
ومن هذا المنظور يكتسي دور القاضي أهمية قصوى عند تعامله مع النصوص
التشريعية إذ تقع عليه مسؤوليّة تأويلها عند الغموض وإكمالها عند النقص
فكأنما يعيد صياغتها من جديد.
ومساهمة منا في تقديم قراءة قانونية تربط بين النص ومحيطة للأحكام العامة
وقواعد الإختصاص الواردة بمجلة المرافعات
المدنية والتجارية أعددنا هذا الكتاب.
وتوخينا منهجيّة تقوم على شرح مستفيض قدر الإمكان لفصول المجلة المتعلقة
بها فصلا فصلا بغية تأصيل النصّ وترسيخ معناه وتوحيد فهمة عسي
أن يجد فيه القاضي والمحامي والباحث وإخصائي النزاعات ما يوفر عليه جهد البحث في
بعض المفاهيم الإجرائيّة الفنية التي يستعصى أحيانا إدراكها والإلمام
بحكمة مشروعيّتها قاصدين تحقيق ما أمكن من الإضافة التي ينشدها
المهتمون بقانون المرافعات المدنية والتجارية.
ولم نكتف باستعراض النظريات
والآراء الفقهية ومواقف فقه القضاء بل حاولنا التصدّي لها بالنقد و التمحيص والحسم
في شأنها لتقديم موقف شخصي منها على سبيل الاستئناس.
وعملنا من ناحية أخرى على إرفاق كل نص معلق عليه بجرد كامل لفقه الفضاء المنشور مع التوثيق الدقيق حتى يتوّسع عند الحاجة.
و لغرض تسهيل مهمّة الباحث لمزيد التعمّق في الموضوعات المطروحة ركزنا على ذكر الدراسات والمراجع المنشورة في
تونس بوجه خاص لعدم سبق جمعها من قبل.
واذ فضلنا المبادرة بشرح الأحكام العامة وقواعد الإختصاص والتعليق عليها فلأنها تعد المدخل الرئيسي لفهم قانون
المرافعات المدنية والتجارية وتنسحب على التقاضي أمام مختلف درجات القضاء في المادة المدنيّة و التجارية.
وتنطبق مبادئها على جهات قضائيّة متعدّدة كالمحاكم الزجرية والمحكمة الإدارية والتحكيم وعلى سائر الأوراق
الإجرائية ... و البقية تأتي يعون الله و توفيقه.
مارس 1996
نور الدين الغزواني
يمكنك تحميل نسختك من التعليق على قانون المرافعات المدنية و
التجارية "الأحكام
العامة و الإختصاص" PDF