مجلة القانون الدولي الخاص معلق عليها | لطفي الشاذلي و مالك الغزواني


لم تعرف المحاكم التونسية قبل الاستقلال "القانون الدولي الخاص" لأن غياب السيادة الوطنية حال بطبيعته دون تنظيم العلاقات الدولية بين الذوات الخاصة ولآن المحاكم الفرنسية بتونس كانت مختصة بصفة آلية بالفصل في النزاعات المتصلة بها في حين كانت المحاكم التونسية ممنوعة من التعهد بها حتى وإن كان أحد أطرافها تونسيا.


وما أن إسترجعت البلاد سيادتها ألغيت المحاكم الفرنسية وصارت النزاعات الدولية من إختصاص المحاكم التونسية التي تنظر فيها مهما كانت جنسية الأطراف. وانصرف الإهتمام إلى تنظيم بعض جوانب العلاقات الدولية بموجب نصوص خاصّة من أهمها أمر 12 جويلية 1956 التعلق بضبط الأحوال الشخصية للأجاتب وإصدار مجلة الجنسية التونسية بمقتضى مرسوم 28 فيفري 1963؛ وتنظيم حالة الأجانب بالبلاد التونسيةبمقتضى قانون 8 مارس 1968

ولم تستوف هذه النصوص القانونية جميع جوانب القانون الدولي الخاص فلا نجد مثلا تنظيما للعقود الدولية والحال أنها الأدوات ‏التي يتحقق بواسطتها الاستثمار وتنمو بها المبادلات الدولية؛ كما إفتقدت هذه النصوص آليات تحديد القانون المنطبق في النزاعات الدولية وذلك رغم ما بذله فقه القضاء من إجتهاد في صياغة مبادئ النظام العام الدولي وتوضيع وضعية القانون الأجنبي فبرزت بذلك عدة أحكام قضائية هامّة تشكلت من خلالها ملامح التشربع الجديد في هذا المجال.

وفي نطاق تفتح تونس على محيطها الدولي إنصهارها في المنظومة الإقتصادية العالمية وما إقتضاه ذلك من تحديث لتشريعها صدر قانون 27نوفمبر 1998 المتعلق بـإصدار مجلة القانون الدولي الخاص. وقد أكّد إصدار هذه المجلة حرص الدولة التونسية على حماية هويتها وخصوصيتها الوطنية وتكريس خياراتها الجوهرية في إطار المعادلة بين مقتضيات العولمة الإقتصادية والحرص على السيادة الوطنية.

كما بلورت هذه لمجلة. للمشرع التونسي مسالة تنازع القوانين و تنازع اختصاص المحاكم متخلية عن الحساسية غير المبررة والنظرة الحذرة إزاء كل ما هو أجنبي يوضع آليات قانونية ملائمة لإنفاذ علوية القوانين الوطنية كلما تعلق الأسر بمسائل ذات صلة بالنظام العام أو بالخيارات الوطنية الأساسية وذلك باستبعاد تطبيق القانون الأجنبي كلما غابت الحلول المنصفة وحصل النيل من مبداً المعاملة بالمثل الذي أقره الدستور.

وحدّدت المجلة المسائل التي خصصت لها قواعد إسناد وهي حقوق الأشخاص وحقوق العائلة والمواريث والأموال و الإلتزامات وأجازت أحكام المجلة للقاضي وضع قواعد إسناد أخرى في المسائل التي لم يتعرض لها للمشرع؛ باستناء مسائل قانونية تخرج عن قواعد الإسناد وهي قواعد الأمن حسب مصطلح القانون الدولي الخاص ذات التطييق الضروري لاتصال مجالها بسياسة الدولة الإقتصادية أو الاجتماعية والتي لا يجوز إخضاعها لغير القانون الداخلي لأن تحقيق تلك السياسة يقتضي تطبيق الأحكام الوطنية المنظمة لها.

وتميزت مجلة القانون الدولي الخاص بالتكامل المنهجي ؛ فهي تستوعب عدة محاور كانت مشتتة بين نصوص مخلفة، فأدمجت في إطارها مسائل الإختصاص الدولي للمحاكم التونسية والإعتراف بالأحكام الأجنبية التي كانت قواعدها موزّعة بين أبواب مجلة المرافعات المدنية و التجارية و من مزايا هذا الاخبار أنه ييتر على خطف التعاملين مع هذه الإختيار أنه يسير على مختلف المتعاملين مع هذه المجلة معرفة القواعد القانونية المطبقة بكل يسر.

واصطبغت مجلة القانون الدولي الخاص بوضوح الحلول وسهولة تطبيقها وذلك من خلال إمكانية الإعتراف بالأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية وقبول تنفيذها بالبلاد التونسية إذا استجابت للشروط القانونية وتبني نظام عصري يقوم على عدم التشدّد في شروط الإعتراف بالاحكام الاجنبية وذلك لتيسير توصل المتقاضين بحقوقهم إلى جانب توخي الإنفتاح لتعيين القانون المنطبق على النزاعات الدولية بوضع قواعد تنازع موضوعية ومحايدة يمكن أن تودي إما إلى لتعيين القوانين الأجنبية أو لتعيين القانون التونسي فكلا القانونان متساويان إذ أن تعيين أحدهما يرجع إلى تركيز ضابط الإسناد لا غير وبذلك وقع استبعاد العمل بامتياز المحكمة أو امتياز الجنسية الذي سبق لفقه القضاء أن إنتهجه لسنوات طويلة وهوما يعد ثورة مقارنة بسائر التشاريع العربية التي أقرت إمتياز الجنسية كقاعدة تشريعية صريحة مثلا في النزاعات الشاعات المتعلقة بالأحوال الشخصية. كما أقرت المجلة ميدان تطبيق القونين ذات التطبيق المباشر أو الضروري ...  


يمكنك تحميل نسختك من مجلة القانون الدولي الخاص معلق عليها PDF من هنا (6,67 Mo,)